الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)
.أخبار خوارزم شاه بخراسان وصلحه مع سنجر. ولما عاد السلطان منهزما سار خوارزم شاه إلى سرخس في ربيع سنة ست وثلاثين فأطاعه ثم إلى مرو الشاهجان فشفع فيهم الإمام أحمد الباخرزي ونزل بظاهرها وبينما هو قد استدعى أبا الفضل الكرماني وأعيان أهلها للشورى ثار عامة البلد وقتلوا من كان عندهم من جنده وامتنعوا فطاولها ودخلها عنوة وقتل كثيرا من علمائها ثم رجع في شوال من السنة إلى نيسابور وخرج إلى علماؤها وزهادها يسألون معافاتهم مما نزل بأهل مرو فأعفاهم واستصفى أصحاب السلطان وقطع خطبة سنجر وبعث عسكرا إلى أعمال صغد فقاتلوهم أياما ولم يطق سنجر مقاومته لمكان الخطا وجوارهم له سار السلطان سنجر سنة ثمان وثلاثين لقتال خوارزم وحاصرها أياما وكاد يملكها واقتحمها بعض أمرائه يوما فدافعه أتسز بعد حروب شديدة ثم أرسل أتسز إلى سنجر بالطاعة والعود إلى ما كان عليه فقبله وعاد سنة ثمان وثلاثين..صلح زنكي مع السلطان مسعود. ثم وصل السلطان مسعود سنة ثمان وثلاثين إلى بغداد عادته فتجهز لقصد الموصل وكان يحمل لزنكي جميع ما وقع من الفتن فبعث إليه زنكي يستعطفه مع أبي عبد الله بن الأنباري وحمل معه عشرين ألف دينار وضمن مائة ألف على أن يرجع عنه فرجع وانعقد الصلح بينهما وكان مما رغب السلطان في صلحه أن ابنه غازي بن زنكي هرب من عند السلطان خوفا من أبيه فرده إلى السلطان ولم يجتمع به فوقع ذلك من السلطان أحسن موقع والله تعالى أعلم..انتقاض صاحب فارس وصاحب الري. كان بوزابة صاحب فارس وخوزستان كما قدمنا فاستوحش من السلطان مسعود فانتقض سنة أربعين وخمسمائة وبايع لمحمد ابن محمود وهو ابن أخي السلطان مسعود وسار إلى مامشون واجتمع بالأمير عباس الري ووافقه على شأنه واتصل به سليمان شاه أخو السلطان مسعود وتغلبوا على كثير من بلاده فسار إليهم من بغداد في رمضان من السنة ومعه الأمير طغابرك حاجبه له التحكم في الدولة والميل إلى القوم واستخلفه على بغداد الأمير مهلهل ونصير أمير الحاج وجماعة من غلمان بهروز وسار فلما تقاربوا للحرب نزع السلطان شاه عنهم إلى أخيه مسعود وسعى عبد الرحمن في الصلح فانعقد بينهما ما أحبه القوم وأضيف إلى عبد الرحمن ولاية أذربجيان واران إلى خلخال عوضا من جاولي الطغرلي واستوزر أبا الفتح بن دارست وزير بوزابة وقد كان السلطان سنة تسع وثلاثين قبض على وزيره اليزدجردي واستوزر مكانه المرزبان بن عبد الله بن نصر الأصبهاني وسلم إليه اليزدجردي واستصفى أمواله فلما كان هذه السنة وفعل بوزابة في صلح القوم ما فعل اعتضد بهم على مقامه عند السلطان وتحكم عليه وعزل وزيره واستوزر له أبا الفتح هذا..مقتل طغابرك وعباس. قد قدمنا أن طغابرك وعبد الرحمن تحكما على السلطان واستبدا عليه ثم آل أمره إلى أن منعا بك أرسلان المعروف بابن خاص بك بن البتكري من مباشرة السلطان وكان تربيته وخاصا به ونجي خلوته وتجهز طغابرك لبعض الوجوه فحمله في جملته فأسر السلطان إلى بك ارسلان الفتك بطغابرك وداخل رجال العسكر في ذلك فأجاب منهم زنكي جاندار أن يباشر قتله بيده ووافق بك ارسلان جماعة من الأمراء واعترضوا له في موكبه فضربه الجاندار فصرعه عن فرسه وأجهز عليه ابن خاص بك ووقف الأمراء الذين واطؤه على ذلك دون الجاندار فمنعوه وكان ذلك بظاهر صهوة وبلغ الخبر إلى السلطان مسعود ببغداد ومعه عباس صاحب الري في جيش كثيف فامتعض لذلك ونكره فداراه السلطان حتى سكن وداخل بعض الأمراء في قتله فأجابوه وتولى كبر ذلك البقش حروسوس للحف وأحضر السلطان عباسا وأدخله في داره وهذان الأميران عنده وقد أكمنوا له في بعض المخادع رجالا وعدلوا به إلى مكانهم فقتلوه ونهبت خيامه وأصاخت البلاد لذلك ثم سكنت وكان عباس من موالي السلطان محمود وكان عادلا حسن السيرة وله مقامات حسان في جهاد الباطنية وقتل في ذي القعدة سنة إحدى وأربعين ثم حبس السلطان أخاه سليمان شاه في قلعة تكريت وسار عن بغداد إلى أصبهان والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق..مقتل بوازبة صاحب فارس. قد تقدم لنا أن طغابرك كان مستظهرا على السلطان بعباس صاحب الري وبوزابة صاحب فارس وخوزستان فلما قتل طغابرك وامتعض له عباس قتل اثره وانتهى الخبر إلى بوزابة فجمع العساكر وسار إلى اصبهان سنة اثنتين وأربعين فحاصرها وبعث عسكرا آخر لحصار همذان وآخر إلى قلعة الماهكي من بلاد اللحف وكان بلاد اللحف من قلاع البقش كوزحر فسار إليها ودفعهم عنها ثم سار بوزابة عن اصبهان لطلب السلطان مسعود فامتنع وتراجفا بمرج مزاتكن واشتد القتال بينهما وكبا الفرس ببوزابة وسيق إلى السلطان فقتل بين يديه وقيل أصابه سهم فسقط ميتا وانهزمت عساكره وكان هذا الحرب من أعظم الحروب بين السلجوقية.
|